سورة النور - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النور)


        


لأنه أخبر أن جُرْمَهم- وإنْ كان عظيماً- فإنه في عِلْم اللَّهِ عنهم غير مُؤَثِّر، ولولا أن الله- سبحانه- ينتقم لأوليائه ما لا ينتقم لنفسه فلعلَّه لم يذكُرْ هذه المبالغة في أمرهم؛ فإنَّ الذي يقوله الأجانبُ والكفارُ في وصف الحق- سبحانه- بما يستحيل وجوده وكونه يوفي ويُرْبي على كل سوء- ثم لا يقطع عنهم أرزاقهم، ولا يمنع عنهم أرفاقهم، ولكن ما تتعلَّق به حقوقُ أوليائه- لا سيما حق الرسول صلى الله عليه وسلم- فذاك عظيمٌ عند الله.


بالَغَ في الشكاية منهم لِمَا أقدموا عليه بما تأذَّى به قلبُ الرسولِ- صلى الله عليه وسلم- وقلوبُ جميع المخلصين من المسلمين.
ثم قال: {وَتَحْسَبُونَهُ هَنِيَّاً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ}: وسبيلُ المؤمنِ ألآ يستصغرَ في الوفاق طاعةً، ولا يستصغرَ في الخلافِ زَلَّةً، فإنَّ تعظيمَ الأمْرِ تعظيمٌ للآمِرِ. وأهل التحقيق لا ينظرون ما ذلك الفعل ولكن ينظرون مَنْ الآمرُ به.
ويقال: يَسيرُ الزَّلَّةِ- يلاحِظُها العبدُ بعين الاستحقار- فتُحْبِط كثيراً من الأحوال، وتكدِّر كثيراً من صافي المشارب.
واليسير من الطاعة- ربما يَسْتَقِلُّها العبدُ- ثم فيها نجاتُه ونجاةُ عالَمٍ معه.


استماعُ الغيبةِ نوعٌ من الغيبة، بل مستمِعُ الغيبة شَرُّ المغتابين؛ إذ بسماعه يَتِمُّ قَصْدُ صاحِبه. وإذا سمِع المؤمنُ ما هو سوءُ قالةٍ في المسلمين- مما لا صِحَّةَ له في التحقيق- فالواجبُ الردُّ على قائله، ولا يكفي في ذلك السكوتُ دون النكير، ويجب ردُّ قائله بأحسنِ نصيحةٍ، وأدقِّ موعظةٍ، ونوع تَشَاغُلٍ عن إظهار المشاركة له فيما يستطيب من نَشْرِه من اخجالٍ لقائله موحشٍ، فإن أبى إلا انهماكاً فيما يقول فيرد عليه بما أمكن؛ لأنه إن لم يسْتَحِ قائلهُ من قوله فلا ينبغي أن يستحيَ المستمعُ من الرَّدِّ عليه.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8